قد يكون من المعيب أن يطلب بعضنا من بعض حاجاته الطفيفة والصغيرة، ولكن عند ما يكون وجه العبد الى الله تعالى في الطلب والسؤال يختلف الأمر، فلا يكون الطلب معيباً، مهما صغرت الحاجة، وخفت.
فإن العبد مكشوف لربه سبحانه وتعالى، بكل حاجاته، ونقصه وضعفه، وبكل سوأته وعوراته، ولا يخفى عليه سبحانه شيء من فقرنا ونقصنا حتى نخجل أن نعرض عليه، سبحانه، ضعفنا وعجزنا وحاجاتنا التي نخجل أن نعرضها على غيره سبحانه.
فلا ينبغي أن تحجب جلائل الحاجات والطلبات عنه سبحانه صغار الحاجات وخفافها.
والله تعالى يحب أن يرتبط به عبده في كل حاجاته وشؤونه، صغارها وكبارها، حتى يكون ارتباطه به ارتباطاً دائماً، ولن يدوم هذا الارتباط، ويستمر ويتصل بين العبد وربه، إلا إذا كان العبد يشعر بالحاجة الى ربه، في كل شؤونه وحاجاته في جلائل الحاجات وصغارها، حتى في مثل شسع نعله إذا انقطع.
عن رسول الله صلي الله عليه واله وسلم قال: «سلوا الله عز وجل ما بدا لكم من حوائجكم، حتى شسع النعل، فإنه إن لم ييسره لم يتيسر».
وعنه صلى الله عليه واله وسلم قال: «ليسأل أحدكم ربه حاجته كلها، حتى يسأله شسع نعله إذا انقطع»([1]).
وعنه صلي الله عليه واله وسلم: «لا تعجزوا عن الدعاء؛ فإنه لم يهلك أحد مع الدعاء، وليسأل أحدكم ربه حتى يسأله شسع نعله إذا انقطع، واسألوا الله من فضله؛ فإنه يحب أن يسأل»([2]).
وعن سيف التمار قال: «سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول:
عليكم بالدعاء؛ فإنكم لا تتقربون بمثله، ولا تتركوا صغيرة لصغرها أن تسألوها؛ فإن صاحب الصغائر هو صاحب الكبائر»([3]).
وفي الحديث القدسي: «يا موسى، سلني كلما تحتاج إليه، حتى علف شاتك وملح عجينك»([4]).
ولسنا بحاجة الى التأكيد على أن هذا المبدأ في الدعاء لا يعني التخلي عن العمل والحركة والسعي. ولكن على الانسان في حركته وسعيه أن لا يضع أولاً ثقته ورجاءه في عمله وحركته، بل يحافظ على رجاءه وثقته بالله تعالى، وعلى الإنسان ثانياً أن لا يقطع علاقته وارتباطه واحساسه بالحاجة الى الله تعالى في خلال تحركه وعمله وسعيه.
وهذا وذاك يتطلبان من الإنسان أن يسأل الله تعالى كل حاجاته وشؤونه حتى شسع نعله وعلف دابته وملح عجينه، كما ورد في الحديث القدسي. الدعاء عند أهل البيت (عليهم السلام)، سماحة الشيخ محمد مهدي الآصفي (رحمه الله) |