رغم الخطوط الحمراء المفروضة، على عدم الاقتراب من رموز الدين الإسلامي في السعودية، والتهاون في التعامل مع قوانين شريعته، على عكس المتوقع أثار أحد أعضاء مجلس الشورى النائب خالد آل سعود الجدل، باقتراحه دعوة "تَصغير" مساحة المساجد في بلاده، وذلك للتخفيف من الاستهلاك الكهربائي فيها، والذي يكلف الدولة مبالغ كبيرة.
اقتراح النائب غير المَسبوق، فتح عليه "عُش دبابير" موقع التدوينات القصيرة "تويتر"، ودشن النشطاء على إثره وسماً هاشتاق، تحت عنوان "الشورى يُطالب بتصغير المساجد"، وهاجموا أعضاء مجلس الشورى بشكلٍ حاد، وطالبوا بمُحاسبة المسؤولين، ومُعاملتهم بالمِثل بالنسبة لممتلكاتهم الخاصة.
خالد قال في معرض تعليقه على "تصغير" مساجد الله، قال "الأولى بكم تصغير قصوركم وحدائقكم"، عبدالله الفهد أشار إلى ذهاب من ضيّق الأراضي، واعتبر أن هناك "ثور" بحسب توصيفه يُضيق المساجد، فيصل تساءل بالقول "وش رأيكم نهدها ونكتفي بالحرمين؟"، أما حساب "برشلوني" فتعجب من سحب المساجد للكهرباء، وقصورهم التي لا تسحب؟
وبمتابعة جُل التغريدات التي وَردت في الوسم المذكور الأكثر تداولاً، ورصدت استياء عام واضح من عدم اكتراث السلطات بالمطالب الشعبية، وتركيزها على القرارات التى تخدم مصالحها.
وبحسب مُعظم المُغردين الذين يُعبرون عادة عن رأي المجتمع السعودي، فإنهم يرغبون بإصلاحات جذرية تخدم مصالحهم التي تَعصف بها سياسات "التقشف"، دون الإضرار بالصالح العام الديني، والواجهة الإسلامية التي تتميز بها المملكة عن سائر الدول العربية والإسلامية، وهذا فيما يبدو كما يقول أحد المواطنين: “عشم إبليس في الجنة، الإصلاحات تطال الجميع، إلا هؤلاء الذين يسكنون وراء الحصن المنيع″.
يعتقد مراقبون، أن هناك ثورة على الموروث الديني، في بلاد كان هذا الدين، هو الأساس في استمرار حُكمها، والدعامة في كبح "المُعارضين" لها، ويرجح مراقبون أن خطوة "تصغير المساجد"واحدة من خطوات مُتلاحقة، قد تعصف بسطوة المؤسسة الدينية، كانت بدأت بتقليص صلاحياتها، وربما العصف "بحزم" ببقية حضورها، وممتلكاتها، وما إيقاف ظهور الدعاة على شاشات التلفزة إلا بإذن، واحد أيضاً من القرارات التي تُضاعف من تخوّفاتها (المؤسسة الدينية)، وتزيد من إرباكها.
مختصون في الشأن المحلي، يعتبرون أن مُواجهة "التقشّف" لا يُمكن أن تكون بالالتفاف عن مسبباته، التي تكمن في استمرار حرب اليمن "العاصفة"، وتمويل أنظمة عربية أثبتت الأيام عدم ثبات ولائها للقيادة السعودية، بل وضَربها لها عرض الحائط، هذا بالإضافة إلى عَدم وجود آلية واضحة، لمُواجهة “عقوبات” قانون “جاستا”، والذي أقره الكونغرس الأمريكي مُؤخّراً، لغايات تعويض أهالي الضحايا في أحداث 11 سبتمبر، وقد يَترتّب عليها تعويضات مالية ضخمة، لا تتماشى أبداً كما يُوضّح مختصون، مع التقشف "المُؤلم"، والذي يتم دعوة المواطنين للتأقلم معه هذه الأيام.
التعليمات من القيادة "الشابّة" "لتلميع" الإجراءات التقشفية صدرت لرؤوساء التحرير في بلاد الحرمين، كما أشار المُغرد الشهير "مجتهد" عبر حسابه على تويتر، وقد يكون من بينها "تصغير المساجد"، بالإضافة إلى الأمور الثابثة المعيشية التي ذكرها "مجتهد"، وهو رفع أسعار البنزين والكهرباء، وفرض ضريبة القيمة المُضافة على قائمة من السلع، وإظهارها على أنها إنجازات، لتتماشى مع التدهور الحاصل على جميع الأصعدة.
|