يشرح رئيس الهيئة اللبنانية للطاقة الذرية أن اليورانيوم المنضّب (Depleted Uranium) هو مادة غير متفجرة، بل مقويّة لرؤوس الصواريخ، وتسهّل عمليات الاختراق، وهذا النوع من الصواريخ مُعَدٌّ أساساً لاختراق الدروع". هول الانفجارات التي استخدمها العدو في قصف العديد من المناطق اللبنانية، خصوصاً في الضاحية الجنوبية للعاصمة بيروت، دفعت بالكثيرين للاعتقاد باستخدام أسلحة غير تقليدية، وغير معهودة في الحروب المتتالية التي تعرّضت لها منطقة الشرق الأوسط، وذهب البعض بالاعتقاد إلى استخدام "اليورانيوم المنضّب" في القصف. أبرز من شكّك بإمكانية استخدام اليورانيوم المنضّب هي "نقابة الكيميائيين اللبنانيين"، و"الرابطة الطبية الأوروبية الشرق أوسطية الدولية" استناداً إلى أشكال الدخائن المنبعثة من الانفجارات، وألوانها، وقوتها التدميرية، وما شابه من ملاحظات، لكن من دون حسم استخدام الأسلحة المحظورة كاليورانيوم، وما قد يمت بصلة إلى الأسلحة النووية. نصولي للميادين نت: الحديث مبكّر عن الموضوع والأمر شديد الحساسية وفي اتصال مع "الهيئة اللبنانية للطاقة الذرية-المجلس الوطني للبحوث العلمية"، أفاد رئيسها الدكتور بلال النصولي لـ "الميادين نت" إن "الحديث مبكّر عن الموضوع، والأمر شديد الحساسية، ولا يمكن الجزم به إلّا بعد إجراءات عديدة، وتحليل مخبري مختص". وأعلن نصولي إنه تمّ أخذ عيّنات من قبل الهيئة، والجيش اللبناني، لبعض المواقع التي تعرّضت للقصف، رغم الظروف الصعبة المحيطة بالأماكن المستهدفة، وحوّلت للمختبرات لتحليلها، والأمر يستغرق بضعة أيام لظهور النتائج"، كما قال. العيّنات السريعة التي جرى أخذها لا تغطي كل المواقع التي قصفت، ولذلك "سنقوم بالدخول إلى أماكن أخرى يعتقد الجيش اللبناني بأنها مشبوهة من خلال طريقة القصف التي تمت، وطبيعته، لأخذ عيّنات أخرى" بحسب النصولي الذي أوضح أن اليورانيوم المنضّب (Depleted Uranium) هو مادة غير متفجرة، بل مقوّية لرؤوس الصواريخ، وتسهّل عمليات الاختراق، وهذا النوع من الصواريخ مُعَدٌّ أساساً لاختراق الدروع". وجود فراشات الصواريخ هي من أولى المؤشرات واستناداً إلى تجارب دولية أخرى سابقة، قال إننا "نحتاج لأخذ عيّنات بطرق فنية، معقّدة، وشديدة الخصوصية، وعند توافر مؤشرات جلية"، وأعطى نموذجاً لذلك بحسب ما قام به "برنامج الأمم المتحدة للبيئة" و"وكالة الطاقة الذرية" عند الشك باستخدام اليورانيوم المنضب في البوسنة والعراق وأماكن أخرى، وكان أهم مؤشر لديهم هو وجود فراشات صواريخ "البانغر باسترز" (Bunker Busters)، وهذه الفراشات معروفة، ولها بصمة عسكرية خاصة، ووجود الفراشات هي من أولى المؤشرات على استخدام هذا النوع من الصواريخ". وعلى أساس توافرها أخذ العلماء عيّناتهم، لكن، يقول نصولي، "أخذنا على عاتقنا أخذ عيّنات حتى من دون توافر الفراشات، واستناداً على ذكاء في تحديد مركز ضغط الصاروخ، وبطريقة احترافية خبيرة". كميات قليلة في الصواريخ تنقل العيّنات إلى مختبرات مختصة، وأوضح النصولي أن المعدات اليدوية المخصصة للكشف على أصناف مختلفة من الأشعة، كالألفا، والبيتا، والغاما، لا تفي بالمطلوب، ولا تكفي لتأكيد استخدام اليورانيوم أم لا، إلّا عند وجود كميات كبيرة منه، وهذا مستبعد لأن الكمية المستخدمة هي قليلة، توضع على رأس الصاروخ لتقويته، وتعزيز قدرته الاختراقية". وأوضح أن الكمية "يفترض أن تكون قليلة جداً حتى تتيح انفجار الصاروخ بسهولة، فكميات كبيرة منه قد تؤدي إلى ذوبان الصاروخ قبل انفجاره، وعليه يبقى المختبر المجهّز بتقنيات عالية هو المكان الأصلح لتحديد الاستخدام، وبإشراف مرجعية وطنية رسمية". وحذر من إمكانية تدخلات هيئات وجمعيات دولية تدّعي العمل في هكذا ملفات، وليس من المؤكد عدم إدراج نتائج عملها في أجنداتها السياسية، مستفيدةً بذلك من تجارب حرب تموز 2006. خطورة الفوسفور الأبيض ولفت نصولي إلى ما هو خطير بوضوح أي استخدام الفوسفور الأبيض، الحارق، الذي استخدم في عدة أماكن، منبّهاً من طرق معالجة آثاره حيث يفترض، على سبيل المثال، تغطية الفضلات المنزوعة منه عن الجلد بقماش أو مواد مبللة بالمياه، فمتى عاد للاحتكاك بالهواء، تفجّر من جديد، مؤكداً إن خطر الفوسوفور كيميائي وليس إشعاعياً وعن استخدام اليورانيوم المنضب في انفجار المرفأ، أفاد النصولي أن فرق الهيئة، والجيش اللبناني، سحبت عشرات العينات من المياه، والتربة، والهواء وبعد إجراء الفحوصات اللازمة عليها، لم يثبت لدينا أي استخدام لليورانيوم، إضافة إلى أن إحدى محطتي الإنذار المبكر للأشعة التي في بيروت، وهي قريبة من المرفأ، لم تعطِ أي إنذار عند الانفجار. واستخدم اليورانيوم المنضب في العديد من المعارك في دول مختلفة، ويؤكد النصولي وجود وثائق تثبت استخدامه في العراق والبوسنة، والجبل الأسود. ينتظر لبنان أياماً قليلة لمعرفة النتائج التي ستصدر عن مختبرات "الهيئة اللبنانية للطاقة الذرية"، وهي هيئة تتخذها العديد من دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مرجعية لها نظراً لتقنياتها العالية، ومختبراتها المتطورة، وخبرات الطلاب المتخرجين فيها في علوم الذرة، والذين يعمل قسم كبير منهم في مراكز ذرية عالمية. |