الخميس 21/11/2024  
 الحرب الناعمة والتشكيك في القيادات

الحرب الناعمة والتشكيك في القيادات
أضف تقييـم
حزب الله بتاريخه النضالي المعروف منذ تأسيسه بمقاومة المشروع الصهيوني في المنطقة لا يحتاج للدفاع عنه وليس ملزما بأن يقدم خطابا يُرضي كل الأطراف فالمهم بالنسبة لحزب الله هو الإنجاز في الميدان والاستعداد والتأهب الدائم واعداد الأفراد نفسيا ومعنويا للاستمرار في حالة التأهب القصوى لمواجهة كل المخاطر والتحديات التي تطرأ في ساحة مواجهة العدو الإسرائيلي المتغطرس. 

لكنني أحببت فقط أن أنوّه وأحذر من بعض الأمور التي حصلت عقب الخطاب التاريخي للسيد حسن نصر الله من باب التحذير لبعض الإخوة المجاهدين وبعض السطحيين الذين انجروا وراء الحملة الإعلامية الممنهجة التي قادها اعلاميو كيان العدو بأنفسهم، وأمام مرأى ومسمع من الجميع بدأها الصهيوني أفيخاي أدرعي بتغريدة خبيثة بعد الخطاب مباشرة، حاول من خلالها إخفاء استياءه وخوفه وهلعه من تبعات وآثار الخطاب الذي أكد فيه السيد حسن نصر الله أن حكومة العدو غبية وفاشلة ولا تتعلم من أخطائها وركز في خطابه على توجيه رسائله وتحذيراته للأمريكي نفسه الذي يقود العدوان على غزة أما الإسرائيلي فقد تلاشى وتقهقر واندحر وانتهت اسطورته منذ يوم السابع من أكتوبر.
ولست هنا لأحلل الخطاب عسكريا وسياسيا فقد كان محتوى الخطاب واضحا وضوح الشمس وباللغة العربية ولا يحتاج لتحليل فحزب الله داخل في المعركة منذ يوم الثامن من أكتوبر وحزب الله لن يسمح بهزيمة المقاومة الفلسطينية وقد قدم ما يقارب الــ60 شهيدا.
تفاصيل الخطاب التاريخي الذي فعلا كان خطابا لا يصدر إلا من قائد ميداني عقلاني مجاهد سياسي محنك انساني أخلاقي ديني عالم مفوه ويعرف أبعاد وأثر كل كلمة يتفوه بها ولمن هي موجهة وما الهدف منها.
دعونا نركز على ما قبل الخطاب حيث عجزت كل وسائل الاعلام الصهيونية والمتصهينة والتابعة لها رغم الإمكانات الهائلة التي تمتلكها من منع الجماهير من ترقبها لخطاب السيد حسن فانتظره الأعداء والأصدقاء على حد سواء، وهذا لأن الجميع يعلمون أنه قائد حقيقي محنك مجاهد حر مستقل حيدري حسيني لا يخضع للإملاءات الأمريكية الصهيونية مقارنة بغيره من رؤساء الدول العربية والإسلامية الجبناء، فمواصفات القائد يعلمونها جيدا فهو صادق الوعد وله أتباع وجمهور بالملايين في كل انحاء العالم وليس فقط بين جمهور حزب الله.
وطبعا المكر اليهودي جعلهم يعمّلون بكل جهدهم على محاولات هز صورة السيد.. هذا القائد المنتصر أمام جمهوره وهذه الطريقة أحدى أساليب الحرب الناعمة التي كشف عنها الأمريكي "جوزيف ناي" في كتابه المعروف (القوة الناعمة) وطبعا المؤلف لم يكشف كل الأساليب التي يستخدمونها لضرب العقول والنفوس حفاظا على مصالحهم العامة ولكن أحدى أهم هذه الطرق تشويه القيادات القومية وهز ثقة الجماهير بها والتشكيك في قراراتها وقد واجهنا في اليمن ولا زلنا نواجه الكثير من حملات إعلامية ممنهجة بهدف تشويه القيادة وضرب ثقة الجمهور بها وتحرك اعلاميون كثيرون لنفس الهدف ولمخاطبة العقول والنفوس حتى ضربها تماما وجعلها في حالة تيه وتخبط وفاقدة الثقة في كل شي، حتى ترضى وتستلم للواقع الذليل الذي تعيشه الأمة وترضى بالهيمنة الصهيونية الامريكية على المنطقة وتظل في حالة يأس وبأن هذا واقعا مفروضا ولا يمكن تجاوزه ولا يمكن تغييره حتى تتحطم النفسيات وتنهار وتموت داخلها روح المقاومة وروح الجهاد وروح الثورة على هذا الواقع الذليل للأمة الإسلامية.
فقد جاء في أحد نصوص كتاب القوة الناعمة وأرجو التركيز أنه «يجب وضع مخططات لحرب نفسية وناعمة توجّه إلى إرادة العدو لإضعاف قدرته على المقاومة، واستعمال تكتيكات الحرمان الحسي والتشويش على الأدمغة؛ لأجل السيطرة السريعة على المحيط وشلّ القدرة على فهم الأحداث، والتّلاعب بالأحاسيس والمعطيات، وحرمان العدو من القدرة على التواصل والملاحظة».
انتهى الاقتباس وأتمنى أن تكون الفكرة وصلت لأن أحد وأهم أساليب مواجهة الحرب الناعمة والتي دائما نكررها هي تفعيل خطابات القادة والتركيز والتوجيه الإعلامي لها.
فالقادة يركزون على رفع مستوى الوعي عند الجماهير والمتابعين في الخطب والمناسبات وبأسلوب جذاب وهذه هبة من الله لهم ما يعيد إيقاظ وعي هذا الجمهور وبرمجته بصورة مضادة تهدم كل ما بناه العدو من معلومات عكسية، فخطابات السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي وخطابات القائد السيد حسن نصر الله هما الأنموذج والمثال، حيث استطاعا بفضل القدرات الخطابية الهائلة التي لا نجدها سوى في القادة من إعادة زرع الأمل وترسيخ الوعي والإيمان في النفوس والعقول وبصورة دائمة ولا أقصد فقط حول أحداث غزة، وهذا ما يجعل العدو يضاعف حملاته الإعلامية بغرض التشويه والتشكيك وضرب الثقة فيهما.
أعود وأقول المعركة الحقيقية التي نخوضها هي معركة وعي وهذا ما دائما يردده السيدان المجاهدان القائد عبدالملك الحوثي وسيد المقاومة حسن نصر الله حفظهما الله، فلو كانت الجماهير واعية بالقدر الكافي لخطورة المرحلة لما انجر البعض للأسف للحملات الممنهجة التي نجح الصهاينة في تحريكها لمصلحتهم ولحرف الناس عن جرائمهم الوحشية في فلسطين وعن جرائم ابن سلمان اللاإنسانية وهو يقيم موسم الرياض على شلالات دماء أخوتنا في فلسطين المحتلة، للأسف انحرفت البوصلة الإعلامية ضد المجرم الحقيقي وهو كيان العدو الصهيوني وأمريكا الشيطان الأكبر واتجهت البوصلة الإعلامية لمهاجمة سادة المجاهدين في حزب الله وبدلا من استغلال موجة السخط العالمي ضد جرائم الصهاينة في فلسطين والاستمرار في فضح عنصرية ووحشية هذا الكيان وبكل لغات العالم اتجهنا لمهاجمة حزب الله الذي اطلق عليهم الشهيد القائد حسين بن بدر الدين الحوثي سادة المجاهدين.
الحرب النفسية مهمة جدا ورفع المعنويات مهم جدا في أي معركة وإرادة الله هي أن يستمر هذا الكيان الغبي في ارتكاب مجازره دون أي هدف سوى هدف القتل والابادة حتى تنكشف الصورة الحقيقية له ويحين موعد استئصاله في الوقت المناسب ومحور المقاومة وحيدا يبذل كل ما في وسعه لمواجهة التحالفات الامريكية الغربية الداعمة لهذا الكيان الهش الذي هو أوهن من بيت العنكبوت ويجب أن تترسخ هذه العبارة في نفوسنا ونفوس ابنائنا وأجيالنا، هو فعلا أوهن من بيت العنكبوب، وجملة قالها السيد حسن نصر الله سابقا وأصبحت حكمة ونظرية يمكن ان تبنى عليها فرضيات كثيرة فالوعي الايماني الراسخ عند المؤمن يكون بمثابة تحصين له من الانجرار وراء أي هجمات إعلامية تخدم العدو وتضر المجاهدين دون أن نشعر.
علينا أن نتحرك بكل ما استطعنا وننشر مقاطع خطابات قاداتنا بكل قوة ونفخر بها ونغيظ بها أعداءنا لأن التمسك بأعلام الهدى من قاداتنا المتمسكين بآل بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) هي الطريق الوحيد للنصر والعزة والكرامة، وأنا على يقين تام بأن المفاجآت قادمة وبأن المعركة مستمرة وبأن الحكمة اقتضت عدم الإفصاح عن تفاصيل كل شي، ولكن الحذر الحذر الحذر من أن نكون ضحايا نطعن ظهور المجاهدين دون أن نشعر ولقد صدمت من شخصيات كنت أظنها كبيرة وعميقة واتضح أنها شخصيات هلامية سطحيية قاصرة الوعي.
بقلم الكاتبة والمحللة السياسية اليمنية أمة الملك الخاشب
عدد المشـاهدات 370   تاريخ الإضافـة 06/11/2023 - 11:54   آخـر تحديـث 21/11/2024 - 12:30   رقم المحتـوى 24061
 إقرأ أيضاً