لقدْ جَعَلَ اللهُ عزَّ وجلَّ لوصيِّ رسولِ اللهِ (صلّى اللهُ عليه وآلِه) المكانةَ العظيمةَ والمنزلةَ الرفيعة، وخصَّهُ بأنَّهُ سيِّدُ الأوصياء. ولأميرِ المؤمنينَ (عليه السلام) فضائلُ جمَّة، يقولُ ابنُ أبي الحديدِ المعتزِليّ: «فأمّا فضائلُه (عليه السلام)، فإنَّها قدْ بلغتْ منَ العِظَمِ والجلالةِ والانتشارِ والاشتهارِ مبلغاً يسمُجُ معهُ التعرُّضُ لذِكرِها والتصدّي لتفصيلِها... ما أقولُ في رَجُلٍ أقرَّ له أعداؤه وخصومُه بالفضل، ولم يمكِنْهُم جَحدُ مناقبِه، ولا كتمانُ فضائلِه! كانَ كالمِسْكِ، كلَّما سُتِرَ انتشرَ عَرْفُه، وكلَّما كُتِمَ تضوَّعَ نَشْرُه، وكالشمسِ لا تُسْتَرُ بالرَاح، وكضوءِ النهارِ إنْ حُجِبَتْ عنه عينٌ واحدةٌ أدركَتْهُ عيونٌ كثيرة.
وما أقولُ في رَجُلٍ تُعْزَى إليه كلُّ فضيلة، وتنتهي إليه كلُّ فِرقة، وتتجاذبُه كلُّ طائفة؛ فهو رئيسُ الفضائلِ ويَنبوعُها، وأبو عُذْرِها، وسابقُ مضمارِها، ومُجلي حَلَبَتِها! كُلُّ مَن بزغَ فيها بعدَهُ فمِنْهُ أَخذ، وله اقتفى، وعلى مثالِه احتذى»[2].