زاد عاشوراء النموذج الأوّل: إيثار زينب (عليها السلام) وجهادها 1. زينب (عليها السلام) في قلب المعركة يقول الإمام الخامنئيّ (دام ظله): «عندما وصلت زينب إلى حيث يرقد جسد عزيزها على رمضاء كربلاء، بدل أن تبدي أيّ ردّ فعل، بدل أن تشتكي، ذهبت في اتّجاه جسد عزيزها أبي عبد الله وارتفع صوتها، وهي تخاطب جدّها: «يا رسول الله، صلّى عليك مليك السماء، هذا حسينك مرمّل بالدماء، مقطّع الأعضاء»[1]؛ أي يا جدّي العزيز، انظر نظرةً إلى صحراء كربلاء الحارقة، هذا حسين معفَّر بالتراب مخضّب بالدماء، ثمّ ينقلون أنّ زينب وضعت يديها تحت جسد الحسين بن عليّ وارتفع نداؤها إلى السماء: «اللهمّ، تقبّل من آل محمّد هذا القربان!»[2]. 2. شجاعة زينب (عليها السلام) عندما خاطبها ابن مرجانة قائلًا: الحمد لله الذي فضحكم وقتلكم، وأبطل أحدوثتكم، أجابته (عليها السلام) بشجاعة أبيها محتقرة له: «الحمْدُ للهِ الَّذي أَكْرَمَنَا بِنَبِيِّهِ، وَطَهَّرَنا مِنَ الرِّجْسِ تَطْهِيرًا، إِنَّمَا يَفْتَضِحُ الْفَاسِقُ وَيَكْذِبُ الْفَاجِرُ، وَهُوَ غَيْرُنَا والحمْدُ للهِ»[3]. 3. تسليمها وثباتها وكذلك عندما خاطبها مستهزئًا: كيف رأيتِ صنع الله بأخيك؟ فأجابته بكلمات الظفر والنصر لها ولأخيها: «ما رَأَيْتُ إلّا جَمِيلًا، هؤُلاَءَ قَوْمُ كَتَبَ اللهُ عَلَيْهِمُ الْقَتَلَ، فَبَرَزُوا إِلى مَضَاجِعِهِمْ، وَسَيَجْمعُ اللهُ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُمْ، فَتُحَاجُّ وَتُخَاصَمُ، فَانْظُرْ لِمَنِ الْفَلَجُ يَومَئِذٍ، ثَكَلَتْكَ أُمُّكَ يابْنَ مَرْجَانَةَ...» [4]. وكذا عندما دخل موكب السبايا الكوفة، خرج الناس إلى الشوارع، بين مُتسائل لا يدري لمن أومأت زينب إلى الناس أنِ اسكتوا، فارتدّت الأنفاس، وسكنت الأجراس، ثمّ قالت: «الْحَمْدُ للهِ، وَالصَّلاَةُ عَلىَ جَدِّي مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّيِّبِينَ الأَخْيَارِ، يَا أَهْلَ الْكُوفَةِ، يَا أَهْلَ الْخَتْلِ والْغَدْرِ، أَتَبْكُونَ؟! فَلَا رَقَأَتِ الدَّمْعَةُ، ولَا هَدَأَتِ الرَّنَّةُ، إِنَّمَا مَثَلُكُمْ كَمَثَلِ الَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا، تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ... أَتَبْكُونَ وَتَنْتَحِبُونَ؟! إِيْ وَاللهِ، فَابْكُوا كَثِيرًا، واضْحَكُوا قَلِيلًا، فَلَقَدْ ذَهَبْتُمْ بِعَارِهَا وَشَناَرِهَا...»[5]. النموذج الثاني: دور النساء السياسيّ والتعبويّ في نهضة عاشوراء 1. أمّ وهب: روي أنّه بعد نزوله إلى الميدان، رجع وهب إلى أمّه قائلًا: أمّاه، أرضيتِ أم لا؟ قالت: ما رضيت حتّى تقتل بين يدي الحسين[6]! 2. زوجة زهير: على الرغم من أنّ زوجة زهير بين القين لم تشهد واقعة عاشوراء، ولكنّها كانت هي التي بعثت زوجها لنصرة الله وحرّضته على ذلك، يروي جماعة: ... فبينا نحن جلوس نتغذّى من طعام لنا، إذ أقبل رسول الحسين (عليه السلام)، حتّى سلّم ثمّ دخل، فقال: يا زهير بن القين البجليّ، إنّ أبا عبد الله بعثني إليك لتأتينّه، فطرح كلّ إنسان منّا ما في يده، حتّى كأنّ على رؤوسنا الطير، فقالت امرأته: سبحان الله! أيبعث إليك ابن رسول الله، ثمّ لم تأتِه؟! لو أتيته فسمعت من كلامه، ثمّ انصرفت، فأتاه زهير بن القين، فما لبث أن جاء مستبشرًا قد أشرق وجهه، فأمر فسطاطه فقُوِّض، وحمل إلى الحسين (عليه السلام)[7]. النموذج الثالث: دور النساء اللواتي قاتل أزواجهنّ ضدّ الإمام الحسين (عليه السلام) الواضح للمتتبّع أنّ الكثيرات من نساء مجتمع الكوفة لم يقفن مكتوفات الأيدي تجاه ما جرى في كربلاء، وهناك شواهد كثيرة تثبت ذلك، منها: 1. زوجة خولي: يروى أنّ أبا عمرة أحاط بدار خوليّ بن يزيد الأصبحيّ، وهو حامل رأس الحسين (عليه السلام) إلى عبيد الله بن زياد، فخرجت امرأته إليهم، وهي النوّار ابنة مالك... وكانت مُحبّةً لأهل البيت (عليهم السلام)، قالت: لا أدري أين هو، وأشارت بيدها إلى بيت الخلا، فوجدوه، وعلى رأسه قوصرة، فأخذوه وقتلوه[8]. 2. وجاء مالك بن نسر الكنديّ بخوذته الملطّخة بالدم المبارك للإمام الحسين (عليه السلام)، فطردته زوجته من البيت، ولم تسمح له بالإقامة فيه. |