في قلب القرية المترامية، بساحاتها، وحدائقها، ونباتاتها، وزهورها، وفي ظل يوم خريفي مشمس كانت الفرحة تعلو وجوه أطفال النازحين. صنعوا الصابون بأيديهم الصغيرة، بألوانه وروائحه التي أضاءت أحلامهم، وكأنهم يرسمون بها مستقبلًا أكثر إشراقاً. منذ بداية العدوان، دأبت قرية بدر حسون البيئية في شمال لبنان على استضافة الأطفال النازحين، في مبادرة لتخفيف وطأة الظروف الصعبة. وبمناسبة عيد استقلال لبنان، احتفت القرية مع أطفال النزوح تحت شعار "عطر الاستقلال"، فحضر زهاء 150 طفلاً من مناطق لبنانية مختلفة، وأمضوا يوماً مميّزاً من الفرح، في برنامج ترفيهي- تعليمي، شاركت فيه راهبات المحبة، ومعاهد تربوية وجمعيات محلية. حسون: هذا الحدث رسالة ويقول مدير العلاقات العامة والتسويق في القرية أمير حسون أن "هذا الحدث يأتي كرسالة واضحة للتأكيد على رفض أي شكل من أشكال الاحتلال، والتذكير بأن لبنان سيبقى وطن الحرية والاستقلال على مر الأزمان". وتناول الهدف الأساسي من الحفل، وهو نقل رسالة تضامن مع الأطفال ودعمهم نفسياً ومعنوياً، بالإضافة إلى ترسيخ القيم الوطنية في أذهانهم، وتأكيد تمسك لبنان وأبنائه بالحرية والاستقلال، وإذا كان هناك قدر من الناس لا يهمهم إلّا القتل والتدمير، فإن ما يتعلمه الأطفال يهدف إلى تبني الميول نحو الإعمار والبناء والتنمية". يكتب الطفل في البرامج الترفيهية التربوية المعدّة لهم العديد من المهارات، منها الأشغال، والموسيقى، ومنها صناعة الصابون التي تبرع القرية في تصنيع آلاف الصناف منها، وقد اختبر الأطفال هذه الصناعة على يد حرفيين مهرة في القرية، في جوّ من الانشراح والسرور الذي بدا على وجوههم. تدريب الأطفال على المهارات يصف حسون عملية تدريب الأطفال على المهارات المختلفة، ومنها الصابون، بـ "المقاومة بالمهارات"، لأن "اكتساب المعارف قوة" كما قال مضيفاً إن تفاعل المعرفة والمهارات مع الأطفال في زمن الحروب، هو أكبر دعم نفسي لهم، ومساعدٍ لهم على التغلب على ارتدادات الحرب عليهم". تخلل الحفل العديد من الأنشطة الترفيهية والتعليمية للأطفال، بالإضافة إلى فقرات مميزة، في أجواء احتفالية تُجسد روح الوحدة والأمل. في قلب القرية المترامية، بساحاتها، وحدائقها، ونباتاتها، وزهورها، وفي ظل يوم خريفي مشمس كانت الفرحة تعلو وجوه أطفال النازحين. صنعوا الصابون بأيديهم الصغيرة، بألوانه وروائحه التي أضاءت أحلامهم، وكأنهم يرسمون بها مستقبلًا أكثر إشراقاً. عند الانتهاء اختبروا جلسات التدليك بزيوت القرية الطبيعية، ولم تكن مجرد لحظات استرخاء، بل كانت لمسة من الحنان الذي افتقدوه، ومنعهم هدير الطيران، وقصفه من التحسس به، وأيضاً نافذة لأمل جديد. يقول حسون: "هذه الفعاليات لم تكن فقط نشاطات، بل كانت رسالة تأكيد لهم إنكم لستم وحدكم. نحن هنا لنعيد رسم البسمة على وجوهكم، في لحظات من الراحة والطمأنينة في عالم يتوق للسلام". الالتزام بوحدة الوطن منذ بداية الحرب، والقرية تستضيف بوتيرة مستمرة مجموعات من الأطفال، تداوي آلامهم، وتبلسم جراحاتهم، وقد زاد عدد المتلقين للبرنامج الترفيهي، والعلاج النفسي عن 1500 طفل حتى اليوم، وما ذلك إلّا "تأكيد منا على الاستثمار في الراسمال البشري والفكري والعاطفي"، بحسب حسون. وبمناسبة الاستقلال، يؤثر حسون الالتزام في مبادرة قريته بوحدة الوطن، وتجاوز كل الاختلافات، والتمسك بالوحدة، ويقول أن "هذا ليس فضلاً لنا، بل واجب تجاه وطننا، وأبنائه، وواجب علينا جميعاً تكريساً لوحدة العيش التي تمنحنا ظروفه االاستثنائية مناسبة وطنية كبرى كعيد الاستقلال". وأعلن أن البرنامج سيظل مستمراً، وأبواب القرية ستبقى مفتوحة لأبناء الوطن المجروحين مباشرة بسبب الحرب، على أمل أن "تنتهي الأحداث في أقرب وقت، ليعود كل نازح إلى بيته، وإلى المطارح التي أحب، ونشأ عليها منذ ولادته"، قال حسون خاتماً كلامه.
|