في سعيهم وراء الابتكار التكنولوجي، دفع مؤيدو الذكاء الاصطناعي التوليدي بأدوات التزييف العميق الاصطناعية غير القانونية إلى أيادي الناس العاديين. وقد انتشرت مؤخرا إعلانات مُخلة على الأشرطة الجانبية للمواقع الإلكترونية الشهيرة وبين منشورات فيسبوك، وظهرت صور غير أخلاقية مزيفة لشخصيات عامة كمواد رائجة بين الجماهير. وتسربت المشكلة عبر الفضاء الإلكتروني إلى الحياة الواقعية للمستخدمين، بما في ذلك الشباب. وهنا يُعتبر المسؤولون عن إنشاء ونشر الذكاء الاصطناعي متورطين في كل ذلك. وفي المقابل، يهاجم قادة الحكومة المشكلة من خلال الجهود التشريعية، وتعمل قطاعات التكنولوجيا والمجتمع على تحقيق التوازن بين مسؤوليتها تجاه المستخدمين والحاجة إلى الابتكار. ولكن التزييف العميق مفهوم تصعب محاربته بسلاح السياسة المؤسسية. مشكلة مقلقة ليس لها حل تعد مشكلة التزييف العميق معضلة حقيقية، وذلك بسبب صعوبة كشف التزييف العميق وتحديده، فضلا عن الخلاف الواسع النطاق حول من المسؤول عن التزييف الاصطناعي الذي أوصلنا لهذه المرحلة. تحارب منظمة الحقوق المدنية السيبرانية ظاهرة "توزيع الصور الحميمية بدون موافقة" التي يرمز لها بـ"إن دي آي آي" (NDII)، وتُعرِّف التزييف الرقمي ذا الطابع الجنسي على أنه أي صورة أو مقطع فيديو مُعالج يُظهر شخصا حقيقيا عاريا أو منخرطا في سلوك جنسي زائف بطريقة غير قابلة للتمييز. ومن جهة أخرى، لا ترتبط ظاهرة "إن دي آي آي" بالذكاء الاصطناعي بالمجمل حيث يمكن إجراء هذه الأعمال باستخدام الفوتوشوب، ولكن أصبحت أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي مرتبطة بقدرتها على إنشاء التزييف العميق، وهو مصطلح شامل ظهر أول مرة عام 2017 ويشير إلى أي تشابه بصري أو سمعي مُعدّل. وبشكل عام، يمكن أن تشير صور التزييف العميق إلى تعديلات طفيفة أو إلى خلق تكوين غير حقيقي تماما لشخص ما. وقد تكون هذه الصور واضحة جنسيا. كما يمكن أن تُستخدم كشكل من أشكال إساءة الاستخدام الجنسي القائمة على الصور. وليس من الصعب تنظيم هذه الصور أو مراقبتها منذ لحظة إنشائها أو قبل ذلك من خلال السياسات والقيود المفروضة على أدوات الذكاء الاصطناعي نفسها. ويمكن حتى حظرها تماما أو تقييدها بمسؤوليات جنائية أو مدنية على صنّاعها أو موزعيها، وذلك حسب النية التي تحملها. ولقد اختارت الشركات النظر إلى التزوير الاصطناعي الجنسي بعدة طرق: مثل اعتباره جريمة يجب التعامل معها من خلال المراقبة المباشرة أو انتهاكا لشروط وسياسة الخدمة أو أنه ببساطة ليست مسؤوليتها. مع تطور مزيد من تطبيقات التزييف العميق، فإن الأشخاص غير المحترفين سيكون بإمكانهم إنتاج مزيد من الصور المزيفة (شترستوك) وفي ما يلي قائمة ببعض هذه الشركات وكيف تتعامل مع التزييف العميق وسياساتها المعلنة في هذا الأمر. وُضع متجر تطبيقات آبل والمتاجر الأخرى تحت المراقبة مؤخرا بسبب السماح بتطبيقات تزييف عميق فاضحة. ورغم أن سياسات متجر التطبيقات من آبل ليست بهذه الوضوح كما هي الحال مع منافسيها مثل "غوغل بلاي"، فإن الشركة قد عززت سياسات مكافحة الإباحية في كل من إعلاناتها وقواعد المتجر. ومع ذلك، لا يزال الجدل قائما بين مجموعة واسعة من منتجات آبل الأشهر الأخيرة، خاصة بعد اتهام الشركة بالتقصير والتقليل من دور أجهزتها وخدماتها في انتشار مواد الاعتداء الجنسي على الأطفال سواء الحقيقية أو الناتجة عن الذكاء الاصطناعي. ومن جهة أخرى، سيشكل إطلاق آبل لـ"آبل إنتليجنس" (Apple Intelligence) القادمة مزيدا من الأسئلة الجديدة بشأن الرقابة. وتذكر آبل في موقعها الرسمي إرشادات المحتوى غير المقبول أو المحظور، إذ إن تطبيق "آبل نيوز" (Apple News) لا يسمح بأي محتوى إعلاني يروج لمواضيع موجهة للبالغين أو محتوى رسومي مثل المواد الإباحية أو كتاب كاما سوترا أو الأدب الإباحي أو المحتوى الذي يروج للجنس والألعاب الجنسية. وذكر موقع المطورين الخاص بشركة آبل أن متجر التطبيقات لا يمكن أن يشمل محتوى جنسي أو مواد إباحية بما فيها تطبيقات التعارف وغيرها من التطبيقات التي قد تشمل أمورا فاضحة أو تُستخدم لتسهيل الإباحية أو الاتجار بالبشر واستغلالهم. والتطبيقات التي تحتوي على محتوى مُنتج بواسطة المستخدمين أو الخدمات التي تُستخدم أساسا للمحتوى الإباحي أو التهديدات الجسدية أو التنمر لا تنتمي إلى متجر التطبيقات وقد حُذفت من المتجر من دون إشعار. وغلتلعب غوغل دورا متعدد الجوانب في إنشاء الصور الاصطناعية كونها مضيفا ومطورا في الوقت نفسه، إذ أعلنت عن عدة تغييرات في سياستها للحد من الوصول إلى المحتوى الاصطناعي غير المقبول ونشره في نتائج البحث، حيث سينخفض تصنيف المواد الإباحية المولدة بالذكاء الاصطناعية في تصنيفات بحث غوغل. وتقول غوغل في سياستها إنه لا يمكن للإعلانات التجارية الترويج للخدمات التي تولد أو توزع أو تنشر محتوى جنسيا صريحا أو محتوى فاضحا مُنشأ بالذكاء الاصطناعي. ولا يمكن للإعلانات التجارية تقديم تعليمات حول إنشاء مثل هذا المحتوى. ويجبعلى المطورين على متجر "غوغل بلاي" التأكد من أن تطبيقات الذكاء الاصطناعي لا تولد محتوى مسيئا، بما في ذلك المحتوى المحظور والمحتوى الذي قد يستغل الأطفال أو يسيء إليهم والمحتوى الذي يمكن أن يخدع المستخدمين أو يمكّن لسلوكيات غير نزيهة غوغ و"أوبن إيه آي" من الشركات التي تحاول تعديل السياسات الخاصة بها لمكافحة ظاهرة التزييف العميق (شترستوك) يوتيوب باعتبار يوتيوب منصة محتوى ضخمة، فقد أولت أهمية كبيرة لمراقبة الفيديوهات التي يرفعها المستخدمون وتوفير آليات فعّالة للإبلاغ عن موضوعات التزييف العميق. وذكرت في سياستها أن المحتوى الجنسي الفاضح والمُعدل غير مسموح به على يوتيوب. ويمكن أن يؤدي نشر مواد إباحية إلى حذف المحتوى أو إغلاق القناة. ويُطلب من المنشئين الكشف عن المحتوى المُعدّل أو المُنشأ بالذكاء الاصطناعي عندما يكون واقعيا جدا، مما يعني أن المشاهد قد يخلط بين ما يُعرض أمامه وبين شخص أو مكان أو حدث حقيقي. |