يمينٌ يلقيه أحد الأبطال على صاحبه، فيقسم عليه أن يترك القذيفة التي يحملها له ليضعها هو على دبابة الميركافا، فيؤثر صاحبه بروحه، ويتركه ليبرّ بيمينه فإنّما هي إحدى الحسنيين أن يظفر بمقتلة العدوّ، وإمّا يلتحق بركب عشرات الآلاف ممن سبقوه. لم تمضِ بضع أيامٍ قليلة على المشهد الخالد الذي سطّره مجاهدان من المقاومة تحاملا على جراحهما واستبسلا في قتال الصهاينة، وحينما ارتقى الأول، لم يترك صاحبه دم أخيه ولا سلاحه على الأرض، وعاجل بحمل سلاحه في وجه الصهاينة ليرتقي شهيداً برفقة أخيه مقبلين غير مدبرين، حتى يبهرنا القسّاميون وإخوانهم في سرايا القدس بمشهدٍ أسطوريٍ جديدٍ لعلّك لن ترى مثله إلا في ميادين العزّة والكرامة التي كتبتها غزة بدماء أبنائها الأبطال دفاعًا عن الأقصى وشرف الأمّة. “حلفتك بالله سيب”.. ليس يميناً يلقيه أحد على آخر طمعاً في لعاعة دنيا أو غنيمة عاجلة من الدنيا يلوذ بها قبل صاحبه، ولكنًها تسابقٌ على نيل شرف الشهادة في مواجهة العدوّ وآلياته والنيل منها ليكتب الله لهم به عملاً صالحاً في الدنيا والآخرة. يمين مجاهد يمينٌ يلقيه أحد المجاهدين الأبطال على صاحبه الذي يركض إلى الشهادة طمعًا أن يسبقه، فيقسم عليه أن يترك القذيفة التي يحملها له ليضعها هو على دبابة الميركافا، فيؤثر صاحبه بروحه، ويتركه ليبرّ بيمينه فإنّما هي إحدى الحسنيين أن يظفر بمقتلة العدوّ، وإمّا يلتحق بركب عشرات آلاف الشهداء الذين سبقوه في غزة في هذا العدوان الغاشم المتواصل منذ 228 يوماً. ويحمل عبوة العمل الفدائي مقبلاً غير مدبر ويضعها من المسافة صفر في قلب الدبابة ليفجّر معها كل أحلام نتنياهو وعصابته المجرمة بإمكانية تحقيق نصرٍ مزعوم أو تحقيق أيّ هدفٍ من أهداف جريمته المعلنة، وتتبخر مع شظايا دباباته المتناثرة وأشلاء جنوده المدفونة في رمال غزة كل مزاعم العدوّ الصهيوني رغم طول المعركة. هذا المشهد من جباليا: "روح معي روح قدام. سيبها سيب هذي إلي.. بالله عليك.. والله لتسيب حلفتك بالله سيب". حوارٌ دار بين المجاهدين في مقطع لا يتعدى الثواني، ولو رأيته في مشهد هوليودي أو فيلم لما صدقته، لكنّه حين يأتي من غزة فإنّ الصدق والحق والحقيقة ما تقوله المقاومة وما يسطّره أبطالها من مشاهد أعجزت أمامها كل أفهام العالم. مشهدٌ يبعث العزيمة في نفوس المقاومين الأبطال على أنّ هذا العدوّ الجبان سيظل عاجزًا عن الانتصار طالما فيهم عرقٌ ينبض وجفنٌ يرف، فغزة كما كانت ستبقى مقبرة الغزاة مهما طال الزمان أو قصر، وسيبقى مجاهدوها الأبطال جبال غزة الصامدة التي سيتكسر جيش الاحتلال على شموخها وقوتها وصبرها. احتفاءٌ ببسالة المقاومة واحتفى رواد التواصل الاجتماعي باستبسال المقاومة وهذا المشهد الأسطوري الذي يكشف ملاحم البطولة التي جعلت الاحتلال يعترف صاغراً بأنّ معركة غزة من أصعب المعارك في الدنيا وأكثرها تعقيداً لتبرير فشله وهزيمته وارتفاع الخسائر في صفوف جيشه المهزوم. |