أظهرت وثائق داخلية نشرتها صحيفة "الغارديان" البريطانية، أمس الجمعة، أنّ شركة الكيماويات العالمية العملاقة "سنجنتا" سعت إلى التأثير سراً على البحث العلمي فيما يتعلق بالروابط بين مبيد الأعشاب الأكثر مبيعاً ومرض باركنسون.
وبحسب الصحيفة، ففي الوقت الذي رأى العديد من الباحثين المستقلين أنّ مبيد الأعشاب، الباراكوات، يمكن أن يسبب تغيرات عصبية تعتبر من السمات المميزة لمرض باركنسون، أكدت شركة "سنجنتا" دائماً أنّ الأدلة التي تربط الباراكوات بمرض باركنسون "مجزأة" و "غير حاسمة".
لكن السجل العلمي الذي يشيرون إليه كدليل على سلامة الباراكوات هو نفسه الذي عمل مسؤولو "سنجنتا" والعلماء والمحامون في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة على مدى عقود لإنشائه وفي بعض الأحيان التلاعب به سراً، وفقاً لمجموعة ملفات "سنجنتا" الداخلية التي راجعتها "الغارديان".
وتكشف الملفات عن مجموعة من التكتيكات، بما في ذلك تجنيد عالم بريطاني بارز وباحثين خارجيين آخرين قاموا بتأليف الأدبيات العلمية التي لم تكشف عن أي مشاركة مع "سنجنتا"؛ وتضليل المنظمين بشأن وجود بحوث غير مواتية يجريها علماؤها، وإشراك المحامين في مراجعة واقتراح تعديلات للتقارير العلمية بطرق تقلل من أهمية النتائج المثيرة للقلق.
وتظهر الملفات أيضاً أنّ "سنجنتا"، التي يقع مقرّها الرئيسي في سويسرا، أنشأت ما أسماه المسؤولون فريق "Swat" ليكون مستعداً للرد على التقارير العلمية المستقلة الجديدة التي يمكن أن تتعارض مع "حرية بيع" مادة الباراكوات.
يُشار إلى أنّه في عام 2021، رفع مئات المزارعين الأميركيين دعاوى قضائية ضد الشركة تتعلق بقانون مسؤولية المُنتج، بسبب فشلها في تحذيرهم من ارتباط مُبيد الأعشاب "الباركوات" بمشاكل صحية خطيرة، بما في ذلك مرض باركنسون (أو الشلل الارتعاشي).
وتتمثل الأعراض الجَسَدية الرئيسية لمرض باركنسون في الرّعاش، وبطء الحركة، وتصلب العضلات، بينما تشمل الأعراض الإدراكية الاكتئاب والخَرَف.
وإلى اليوم، لا يوجد هناك علاج لهذا المرض، كما أنّ المصابين به أكثر عُرضة للإصابة بأشكال العَدوى المهدِّدة للحياة. ومع تزايد حدّة الأعراض تدريجياً بمرور الوقت، تزداد تكاليف العلاج أيضاً.
وعلى الرغم من حظر مبيد باراكوات في سويسرا في عام 1989، إلّا أنَّ الحكومة السويسرية أصبحت قلقة بشكل متزايد بشأن تأثير التعرّض لمبيدات الآفات على صحة المزارعين. لذا، كلفت بإعداد تقرير للنظر في هذه المسألة تمهيداً لوضع خطة عمل وطنية للحد من استخدام مُنتجات حماية النباتات. وقد نُشِر كلّ من التقرير وخطة العمل الوطنية في عام 2017.
وقد خَلُص التحليل للدراسة العلمية إلى وجود "أدلة مُعتدلة" تربط التعرض للباراكوات بمرض باركنسون. وذكر التقرير أيضاً أن التعرّض لأي مُنتج من منتجات وقاية النباتات ينطوي على مخاطر بنسبة 50% أو أكثر للإصابة بمرض باركنسون في صفوف المُستخدمين العاديين. لكنه استنتج أيضاً وجود حاجة للمزيد من الأدلة فيما يتعلق بالتعرّض لفئات معينة من مُبيدات الآفات والمكونات النشطة. |