يقف كل من تابع ودرس سيرة حياة الامام الخميني "رض"، على الاهمية التي كان يوليها سماحته لقضية الوحدة الاسلامية، حتى انها باتت تميز شخصيته، وانعكست بالتالي على ثورته وتجلت في جمهوريته، لاعتقاده الثابت ان الوحدة الاسلامية هي السبيل الوحيد امام المسلمين لاستعادة عزتهم وكرامتهم.
عمليا، اتخذ الامام الخميني "رض"، شخص النبي الاكرم (ص)، كأساس للوحدة بين المسلمين، عندما جعل من الاختلاف على مولده بين المسلمين كفرصة للاتحاد والوحدة عندما اعلن عن "اسبوع الوحدة الاسلامية"، فالسنه يقولون ان النبي "ص" ولد في 12 ربيع الاول بينما الشيعة يقولون ان النبي "ص" ولد 17 ربيع الاول، وبذلك اغلق باب الاختلاف بهذا الشأن بين المسلمين والى الابد.
الخطوة العملية الاخرى التي خطاها الامام الخميني "رض" على طريق تحقيق الوحدة الاسلامية، كانت اعلانه آخر جمعة من شهر رمضان المبارك يوما عالميا للقدس، لإدراكه العميق للدور الذي يمكن ان تضطلع به القدس، في تعزيز أواصر الوحدة بين المسلمين، ببركة وجود المسجد الاقصى، القبلة الاولى للمسلمين، ولكونها محتلة اليوم من قبل اعداء المسلمين والانسانية.
بالتزامن مع تأكيد الامام الخميني "رض" على الوحدة الاسلامية، كان هناك تأكيد آخر من لدنه، وهو تأكيد انصب على نشر مفاهيم الإسلام المحمدي الأصيل، لإيقاظ المسلمين من سباتهم العميق، الذي فرضه الاسلام الامريكي المزيف.
في البداية كانت القوى الاستكبارية في العالم وعلى رأسها أمريكا والاتحاد السوفيتي السابق، تعتقد ان تأكيد الامام الخميني (رض) على الوحدة الاسلامية، وعلى الاسلام المحمدي الاصيل، هو شعارات تقتضيها المرحلة الثورية في ايران، وسرعان ما ستخبو وتتلاشى، وذلك عندما تفرض المصالح نفسها على الجمهورية الاسلامية، ولكن الذي حدث هو ان اعتقاد القوى الاستكبارية هذا هو الذي تلاشى، امام اصرار الامام الخميني "رض" على اعتبار الوحدة الاسلامية والاسلام المحمدي الاصيل ، من اهم اهداف الثورة الاسلامية في ايران، فهما رمز قوة وانتصار المسلمين.
إستخدم الاستكبار العالمي كل ما في جعبته من اسلحة ضد الجمهورية الاسلامية في ايران ، فقد فرض حربا ظالمة عليها استمرت ثماني سنوات، وفرض عليها حصارا خانقا طال الدواء والغذاء والذي مازال مستمرا منذ اربعة عقود، واستخدم ضدها الاسلام الامريكي بنسخته الوهابية المتعددة، الا ان كل ذلك لم يغير من ارادة الامام الخميني "رض"، الرجل الالهي الذي غير مجرى التاريخ، عندما افشل مخططات الاستكبار لمحو فلسطين من ذاكرة الشعوب الاسلامية، عبر غرس روح المقاومة والثقة بالنفس في الشعوب الاسلامية وخاصة الشعب الفلسطيني، حتى بتنا اليوم نسمع كبار زعماء الكيان الاسرائيلي يتحدثون ولاول مرة، عن شكوك تراودهم من وصول عمر كيانهم الى العقد الثامن.