حكاية غزة المؤلمة و الصابرة كما يراها عشرة فنانين تشكيليين من أبنائها، أخذوا على عاتقهم تجسيدها في جدارية فنية تمتد على طول أربعين مترا من الجدار الشرقي لميناء غزة في صورة امرأة فلسطينية تنهش أشواك أسلاك الحصار جدائل شعرها، ولكنها تصر على أن تقبض بإحدى يديها على زهرة الحنون، وتحنو براحتها الأخرى على حمامة مكسورة الجناح.
من خلال الرسمة تظهر لنا ألم و صعوبة الحياة في غزة من خلال البيوت المظلمة والمتشحة بالسواد والصيادين المحرومين من خوض عباب البحر، فإن صورة هذه المرأة المزهوة بجمالها العميق تطغى على كل ألوان المعاناة، في إشارة إلى أن هذه البقعة من أرض فلسطين الحرة ستبقى عنوان الشموخ والتحدي.
ولا تخلو هذه الرسمة الفنية من ملامح تطلع الغزيين بغد مشرق، فزهرة الحنون والحمامة وسماء غزة الزرقاء وشمسها المشرقة ونبات الصبار، جميعها مكونات تشير إلى أن الأمل في الانعتاق من الضنك والكرب لا يزال معقودا في نفوس ساكنيها.
ولإبراز أهم هموم المحاصرين في غزة، حرص محترف شبابيك الفني والاتحاد العام للمراكز الثقافية على أن يشارك في رسم الجدارية فنانون من شتى مناطق قطاع غزة ليرصدوا بأدواتهم وألوانهم نبض الشارع واحساسهم ويسطروا شعار جداريتهم القائل "ما يجمعنا من ألم الاحتلال وقسوة الحصار ووجع التهميش أكبر مما يفرقنا".
والأهم من ذلك أن الجدارية تحمل في مكنوناتها جانبا من معاني نبذ الفرقة، والدعوة إلى الوحدة والتعاضد.
وأيضاً يعتبر الفنانون المشاركون في رسم الجدارية أن عملهم أحد أدوات مقاومة الاحتلال وسياسته، كما أنها تعبر عن حقوق نحو مليوني فلسطيني محرومين من العيش والتنقل بحرية منذ أكثر من 11 عاما.