الجمعة 26/4/2024  
 عید الأضحی فی الجزائر: سنن وعادات وسوق قوامها 4 ملایین رأس من الماشیة

عید الأضحی فی الجزائر: سنن وعادات وسوق قوامها 4 ملایین رأس من الماشیة
أضف تقييـم
یحتفل الجزائریون، غدا الاثنین، كسائر مسلمی العالم بعید الأضحی المبارك سنة إبراهیم علیه السلام، وهو العید الذی تمتزج فیه السنة النبویة بعادات وتقالید مازالت راسخة لدی الجزائریین إلی یومنا هذا.
عید الأضحی فی الجزائر: سنن وعادات وسوق قوامها 4 ملایین رأس من الماشیة
ویسمی الجزائریون عید الأضحی 'العید الكبیر'، مثلما سموا عید الفطر 'العید الصغیر' أو 'عید الصغیر'، ومرد ذلك إلی أن الجزائریین یربطون عید الأضحی لارتباطه بالتجمع الكبیر للمسلمین یوم عرفه. بینما اعتبره البعض عید للكبار مقابل عید الفطر الذی هو یوم احتفال للأطفال الصغار.
وعلی خلاف عید الفطر، لا یهتم الجزائریون بمظهر أطفالهم ولا یشترون لهم لباسا جدیدا، ویصبون جل اهتمامهم علی أضحیة العید ویبذلون فی ذلك أموالا طائلة جعلت أسعار الماشیة تلتهب سنة بعد أخری.
وتتحكم العادات والتقالید فی احتفال الجزائریین بعید الأضحی واقتناء الأضحیة ویصرون علی اقتناء أضحیة العید حتی لو اضطر رب العائلة للاستدانة، ویقول: 'یجب أن أفرح الأطفال'.
وفی أیام الراحة المالیة التی كانت الجزائر تتمتع بها كانت الشركات الحكومیة والمؤسسات العمومیة، وحتی الشركات الاقتصادیة الخاصة تخصص منحة لعمالها وموظفیها لمساعدتهم علی شراء أضحیة العید. غیر أن الأزمة الاقتصادیة التی ضربت البلاد دفعت العدید من الإدارات والشركات توقف هذه المنحة كشكل من أشكال التقشف.
ویتنافس الجزائریون فیما بینهم فی الحی أو العمارة وحتی داخل العائلة الكبیرة فی أیهم یقتنی أضحیة أكبر وأجمل من أضحیة الآخر، مدفوعین بإلحاح الأطفال فی اقتناء كبش كبیر بقرنین ملتویتین.
وتقول إحصائیات إن قرابة 4 ملایین رأس ماشیة وقرابة 5000 عجل تذبح فی الجزائر یوم العید. لذلك ارتفعت الأسعار وبشكل جنونی، وساعد فی ارتفاع أسعارها تهریب الماشیة إلی البلدان المجاورة وأساسا إلی تونس والمغرب، ما دفع الجمارك الجزائریة وحرس الحدود یشددون الرقابة خلال الأیام التی تسبق العید. وقد بلغت أسعار الكباش هذا الموسم ما بین 350 دولارا و600 دولار.
وتعد الجزائر ثانی أكبر دولة عربیة فی مجال الثروة الحیوانیة بعد السودان، وتشكل 10،5 فی المائة من إجمالی الثروة الحیوانیة فی العالم العربی. وحسب أرقام وزارة الفلاحة الجزائریة فالجزائر تملك بـ 2 ملیون رأس بقر، و26 ملیون رأس غنم، و 5 ملیون رأس ماعز، مقابل 50 ألف رأس من الخیول.
ولا یذبح الجزائریون إلا الكباش، وقلیل منهم یضحی بعجل أو ثور أو بقرة إلا إذا كانت العائلة كبیرة، أو عنزة أو تیس عند المعوزین، وسبب ذلك هو الخطاب الدینی الذی یتدخل فیه أرباب المواشی ویحث علی ذبح الكباش. لكن فی السنوات الأخیرة ازدادت ظاهرة ذبح العجول لما لها من فوائد اقتصادیة.
وقد دعا بعض العقلانیون إلی ضرورة أن یدعو الأئمة فی المساجد إلی استحباب أن یضحی كبیر العائلة عن كل أولاده وعائلاتهم من أجل الحفاظ علی الثروة الحیوانیة وانخفاض أسعار الماشیة وأسعار اللحوم عامة، إلا أن الذین یتحكمون فی سوق الماشیة تدخلوا بكل ما لدیهم من نفوذ مالی من أجل مواجهة هذه الدعوات.
وككل سنة تحولت مدینة الجزائر، منذ أكثر من أسبوعین، إلی اسطبل مفتوح علی الهواء الطلق، إذ دخل أصحاب الماشیة من رعاة وتجار إلی عاصمة البلاد واتخذوا أماكن لهم فی الأسواق وفی الساحات العمومیة بالأحیاء الشعبیة وحتی فی بعض المرائب لبیع ماشیتهم.
وأصبحت مشاهد معتادة، ككل سنة كلما اقترب العید، أن تجد قطیعا من الماشیة یعبر الشوارع الرئیسة للمدینة وحتی الطرق السریعة. كما أصبح أمرا طبیعیا أن تسمع فی اللیل خوار الكباش فی أسفل العمارة. كما تصبح رائحة روث الماشیة أمر طبیعیا أیضا.
وخلال الأیام القلیلة قبل العدید تشیع ظاهرة تناطح الكباش فی مباریات ینظمها أصحاب الكباش أنفسهم فی الساحات العمومیة بالأحیاء الشعبیة، وحدث أن انتهت هذه المباریات بموت أحد الكبشین أو تشوهه.
والكباش المعدة لمباریات المناطحة كباش خاصة ویولیها أصحابها عنایة علی طول العام، بما فی ذلك عیادة البیطری كل سنة. وهی كباش لیست مخصصة للأضحیة یوم العید، وقد وصلت أسعارها خلال المباریات بین الأحیاء وبین المحافظات إلی غایة الأدوار النهائیة أسعارا خیالیة فاقت 800 ألف دینار جزائری (ما یعادل 80 ألف دولار). ووصل الأمر بأصحاب هذه الكباش أن نظموا بطولات لدول المغرب العربی لمباریات مناطحة الكباش.
وقبیل عید الأضحی وخلاله، تنشط تجارة وحرف موسمیة یقوم بها بعض الشباب وحتی الأطفال، كبیع علف الكباش ووسائل شوی اللحم والفحم وأدوات نحر الأضحیة من سكاكین وسواطیر وآلات نفخ الكبش قبل سلخه، وحرفیو شحذ السكاكین.
وفی اللیلة التی تسبق یوم عید الأضحی تكون كل الأضحیة عند أصحابها كی تراها كل العائلة وتأخذ صورا معها، وهناك من العجائز من تأخذ الحناء تضع فی أیدی الأطفال والفتیات وحتی النسوة، وتخضب جبهة الكبش بها.
وفی یوم العید یخرج الكبار إلی صلاة العید، فیصلون ویتغافرون بینهم، وحین یعود رب العائلة إلی البیت یأخذ القهوة مع أهله، قبل أن یتوجه إلی أضحیته لنحرها، وعادة ما ینتظر الجمیع حتی یجتمع كل أفراد العائلة لذبحها وسلخها.
فی الیوم الأول لا یؤكل من الكبش أو الخروف سوی رأسه، ویسمیه الجزائریون 'بوزلوف'، لأنه قبل طهیه یزلف (أی یقرب إلی النار) فیدخن ویحق وبره ثم یكشط وتنزع عنه الجلد السطحیة المحترقة قبل أن یطهی فی المرق. كما یطبخون الكرش بعد أن تنظف جیدا فی طبخ یسمونه 'العصبان' لأنه یحشی بالرئة والرز فی شكل عصبة ویطبخ فی مرق. أما الكبد فتشوی أو تقلی.
أما الكبش فیترك للیوم الموالی حتی یبرد لحمه ویقسم ما بین صدقة وهدیة وما یبقی للعائلة. وعادة ما یتصدق الجزائریون بالكتف. أما الفخذ فتهدی، أو یقدمها الشاب المقبل علی الزواج إلی خطیبته فی الیوم الثانی أو الثالث من العید، وهی عادة مازالت لدی الجزائریین إلی یومنا هذا ویسمونها 'المهیبة'، یستمر علیها الشاب مادامت خطیبته فی بیت والدیها.
أما فروة الكبش، فقدیما كانت النسوة تحرصن علی أزواجهن بأن لا یفسدونها خلال عملیة السلخ، ویغسلن جلدها بالماء ثم یوضع فیها الملح وتترك للشمس، وبعد أیام تغسل كیف توضع فرشا للبیت. أما الآن فهذه الحرفة النسویة لم تعد موجودة، وظهرت شركات متخصصة فی الجلود تأخذ هذه الفروات من أصحابها مقابل نقود قلیلة.
وكانت النسوة قدیما، خاصة فی الریف الجزائری، لا ترمین شیئا من الكبش، وحتی شحمه كان یملح ویوضع فی الشمس إلی أن یجف ثم یخزن فی جرة من الطین ویستعمل فی طهی الطعام علی مدار العام، ویسمونه 'القدید' أو 'الخلیع' فی بعض المناطق.
عدد المشـاهدات 2600   تاريخ الإضافـة 11/09/2016 - 11:03   آخـر تحديـث 18/04/2024 - 05:45   رقم المحتـوى 2790
 إقرأ أيضاً