السبت 18/5/2024  
 متحدياً الاحتلال.. رسام من غزة: ما زلت حياً و سأبكي كثيراً عند انتهاء الحرب!

متحدياً الاحتلال.. رسام من غزة: ما زلت حياً و سأبكي كثيراً عند انتهاء الحرب!
أضف تقييـم
مبادرة شبابية فلسطينية، بطلها الرسام الغزيّ المبدع والمهجّر 10 مراّت ميسرة بارود، مع زملاء له في الضفة الغربية قاموا باحياء لوحاته التي دمرتها آلة الحرب في القطاع عبر إعادة رسمها وعرضها في رام الله ليخبر الجميع أنه وغزة لا زالوا أحياء..!
ريشته ليست سريالية أو تجريدية، وقد تتخطى الكلاسيكي التقليدي، لتستمد من الواقع المرير مدداً!
ابن غزة الفنان ميسرة بارود معجون بمعاناةٍ متوقدة، بهنيهاتٍ متوثبة، من معاناته مع الأسود الباعث على التشاؤم، بعثَ حياةً وارفة على صفحات لا بل صفائح بيضاء، وأتانا بالخبر الصادق اليقين، فجدارياته تنبس لا بل تجهر ملياً  لتقول "لا  زلت حياً"!
النسيج الفلسطيني الواحد يتلاقى على الدوام فيرتقي ويتسامى.. الضفة الغربية وكل فلسطين هما بمثابة الوتين، رغم الحصار والتضييق يمدّان غزة باكسير أخوّة بنجيع دم، و لا تتردد غزة الثكلى برفد الجميع من المحيط إلى الخليج بما تضخّه كل لحظة وفي كل اللحظات : عزة وكرامةً  وإبداعاً وانتماء.
 بدأ بارود بتدوين يوميات الحرب على شكلِ رسومات باستخدام ما وصلت له يديه من أوراق وأقلام حبر، منذ أن فقد بيته ومرسمه في مدينة غزة في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي ولم يتوقف يوماً عن الرسم، منذ أن فقد "عالمه الصغير الخاص" والدمار الذي طال بيته ومرسمه وفقدانه جميع لوحاته وأدواته وكتبه بما حملت من "حياة وروح ذكريات". وثّق ميسرة حياة النزوح واللجوء وتنقلّه المستمر من مكان إلى آخر تحت القصف الوحشي والخوف من الفقدان والقلق من عدم القدرة على حماية الأحبة تحت سطوح الأسمنت الهشة.
أرسم لأخبر  الأصدقاء أنني حيّ!
الميادين نت تعرّف إلى قصة الفنان الرائد بنقل الواقع كما هو، بطريقة قريبة من الكاريكاتورية الواقعية "حرصت منذ بداية الحرب على غزة ... (أن أوثّق) بعيني وريشتي الحرب بكل تفاصيلها، وكانت رسوماتي رسالة مني للأصدقاء أخبرهم فيها أنني لا زلت حيّاً."
ويضيف "دوّنت من خلال يومياتي قصص الدمار والفقد والموت والضعف والنزوح والجوع والألم والصبر والصمود والانكسار .... لقد دمّر الاحتلال كل ما هو جميل في مدينتي الصغيرة لتصبح الأشياء عالقة في ذاكرة مشوهة تحت الركام. وأصبحت كغيري نازحاً من مدينة غزة إلى أقصى جنوبها للمرة العاشرة متنقلاً بين فضاءات المدينة الضيقة في محاولة للنجاة من المقتلة باحثاً عن الأمان المفقود وهرباً من الإبادة".
الأسهم تشير إلى طريق ما إلى شيء ما!
و "وفاء لأهلنا في قطاع غزة، وإجلالاً لما مروا ويمرون به في هذه الحرب الإبادية الدموية"، افتتح "غاليري زاوية" (رام الله)  في 18 نيسان/ أبريل الماضي معرض "لا زلت حيّاً" للفنان الغزيّ ميسرة الذي يستمر حتى 23 حزيران/ يونيو المقبل.
ويوضّح ميسرة رؤيته ليوميات الحرب التي يرسمها قائلاً: "أرسم ما أراه بعيني، وأترجمه برؤيتي الفنية الخاصة، بمشاهد من مدينة مدمرة متخيلة، وكتل بشرية تلتحم بالطائرات الحربية والآليات العسكرية. وأرسم حياة النازحين في الخيام والمعذَبين في الأرض. كما أرسم الفضاء الضيق الممتلىء بأجساد تحيط به، وتحدده وتخترقه الأسهم التي تشير إلى طريق ما، إلى أي شيء."
المعرض الذي افتتح رغم الظروف الصعبة التي تمرّ بها الضفة الغربية والمناطق الفلسطينية، يجسّد لوحات لبارود التي نشرها منذ بداية الحرب بالأبيض والأسود أولاً بأول على صفحاته على وسائل التواصل الاجتماعي، لتصبح بمجموعها بمثابة معرض توثيقي احتجاجي مستمر بسقف زمني مفتوح.
الضفة ترفد غزة: "لتحقيق معرض مستحيل"!
ونظراً لاستحالة نقل أعماله للعرض في رام الله، عمل "غاليري زاوية" في رام الله جنباً إلى جنب الفنان محمد سباعنة وفنانين آخرين لكسر الحواجز والحدود، فتعاونوا على نقل أعمال بارود وذلك برسمها مباشرة على جدران الغاليري، وكأنهم أداة لتحقيق معرض مستحيل، لفنان غزي يعيش الحرب منذ ستة أشهر بتفاصيلها المرعبة. 
عمل الفنانان بارود وسباعنة على اختيار الأعمال وتقنيات نقلها إلى الغاليري،  سباعنة الذي سبق وأن عمل مع بارود في مشاريع فنية أخرى، انخرط في هذا المشروع وانضم اليه الفنان فؤاد اليماني وآخرون منهم رهف نتشة وسلسبيلا عنبتاوي ودانيا العمري في تظاهرة نواتها التعاون على إعلاء صوت غزة.
سباغنة: كانت اللوحة لي مساحة للخروج خارج أسوار السجن
يقول سباعنة "قد تكون لتجربتي السابقة بالرسم داخل السجن علاقة بما يقوم به ميسرة. فقد كانت اللوحة بالنسبة لي مساحة للخروج خارج اسوار السجن، والمرور في رحلة انتاج الأعمال والتفكير بكيفية تهريبها مع اسير آخر خارج السجن، وهي تفاصيل أَهزم بممارستها السجان".
ويضيف "ليكون إعلان ميسرة أنه ما زال حيّاً إعلاناً، أننا جميعاً مازلنا أحياء. حتى لا نكون على الحياد في هذه الملحمة الأسطورية، وفي محاولات استهداف الفلسطيني وإبادته جسداً وروحاً. رسمت ورسمنا لوحات ميسرة في رام الله متخذين دور سجين يهرِّب لوحات سجين آخر. وفي رغبة منا جميعاً ان نكون أحياء لا أمواتاً على الحياد". 
المفاجىء أنه وفي  نهاية المعرض ستمحى الأعمال كاملة عن الجدران "تأكيداً على مؤقتيتها ومؤقتية محنة الحرب وأن كابوس الاحتلال سينتهي يوماً"، كما يقول الرسامون الشباب.
الجدير بالذكر، أن ميسرة من مواليد سنة 1976، حاصل على بكالوريوس في الفنون الجميلة من جامعة النجاح الوطنية - نابلس سنة 1998، وماجستير في المجال نفسه من جامعة حلوان في القاهرة سنة 2011. 
عدد المشـاهدات 150   تاريخ الإضافـة 01/05/2024 - 12:37   آخـر تحديـث 15/05/2024 - 20:42   رقم المحتـوى 24939
 إقرأ أيضاً