الجمعة 29/3/2024  
 شريعتنا سهلة سمحاء

شريعتنا سهلة سمحاء
أضف تقييـم
يقول الدِّين: توضّأ؛ ولكن هذا الدِّين نفسه يقول: إذا كنت مريضًا أو مصابًا بجرح وتخشى الضرر (ولا يقول إن كنت موقنًا من الضرر، ولا إن كان فيه ضرر حتمًا) من الماء، فتيمّم بدل الوضوء. هذا يعني السماحة، يعني الدِّين، فالدِّين ليس خاليًا من التسامح، بل فيه كلّ التسامح.

والصوم، أليس مهمًّا؟ ألا يرتكب ذنبًا عظيمًا من لا يصوم بغير عذر؟ ولكن عندما يحين حينه، يُظهر الدِّين تسامحه؛ فإذا كنت مسافرًا حيث يصعب الصوم، أو إذا كنت مريضًا، يقول الدِّين: ﴿وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَو عَلَىٰ سَفَر فَعِدَّة مِّن أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ ٱللَّهُ بِكُمُ ٱليُسرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ ٱلعُسرَ﴾[1].

فأنت في هذه الحالات لا تصوم، بل تقضي صيامك في أيّام أخر؛ وحتّى إذا كنت مريضًا ولا تدري إن كان الصوم يضرّك مئة بالمئة، ولكنَّك تخشى إن صُمت أن يشتدّ مرضك، وقد تكون خشيتك هذه قد أثارها منك طبيب فاسق، وثمّة حديث يقول إنَّه ليس من اللازم أن يكون هذا الخوف قد وقع في قلوب الآخرين، ﴿بَلِ ٱلإِنسَٰنُ عَلَىٰ نَفسِهِۦ بَصِيرَة﴾[2]، أي ليس من اللازم أن يثير فيك هذا الخوفَ شخصٌ آخر، بل إنَّك تخشى اشتداد المرض عليك إن صُمت، فلك ألّا تصوم وأنت في حالتك تلك. وهنالك حالات أُخرى؛ فالمرأة الحامل القريبة من موعد وضعها، والعجوز–رجلًا أو امرأة–حتّى وإن لم يخشيا ضررًا مرَضيًّا، بل لمجرّد احتمال ضعفهما، لهما ألّا يصوما.

كان المرحوم "آية الله الحاجّ الشيخ عبد الكريم الحائري"، أعلى الله مقامه، يصوم على الرغم من كبر سنّه، فقيل له: "لماذا تصوم، مع أنَّك في فتواك وفي رسالتك قد أسقطت الصوم عن العجائز نساءً ورجالًا، فهل تغيّرت فتواك، أم أنَّك لا تعدّ نفسك من العجائز؟" فقال: "لم تتغيّر فتواي، وأنا أعلم أنّني عجوز". فقيل له: "إذًا لماذا تصوم؟" قال: "إنَّه عرْق العامّة الذي ما يزال ينبض فيَّ".

إذًا، فالنبيّ صلى الله عليه وآله وسلم يقول: بُعثت على الشريعة السمحة السهلة. إنَّه دين عمليّ. والحقيقة أنّه دين عمليّ، والحقيقة أنَّ ما يجذب الناس من الخارج إلى هذا الدِّين هو سهولته وسماحته. قال النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: إنَّ من يدعو لهذا الدِّين يجب إن يدعو لسماحة هذا الدِّين وسهولته، وعليه أن يفعل ما يُرغِّب الناس في هذا الدِّين.
 
الأسوة الحسنة، مركز المعارف للتأليف والتحقيق
عدد المشـاهدات 545   تاريخ الإضافـة 29/12/2021 - 12:06   آخـر تحديـث 28/03/2024 - 19:54   رقم المحتـوى 19757
 إقرأ أيضاً